أخر الاخبار

رواد المنهج الموضوعاتي في الغرب

 



أ - غاستون باشلار (Gaston Bachelard) :

فيلسوف فرنسي ولد بباريس سنة (1884- 1962) وتوفي ببار سير أوب، يعتبر غاستون باشلار صاحب نظرية المعرفة العلمية وواحد من أهم المؤسسين لنظرية المعرفة الفرنسية الحديثة، حيث تميز بقدرته على تحليل أشكال الخيال بواسطة التحليل النفسي والى جانب اهتماماته الفلسفية والنفسية[1] كانت لديه اهتمامات أدبية من خلال دراسته لمجموعة من الأعمال الأدبية عبر مدخل الخيال الإنساني  باعتباره أداة أساسية من أدوات الذات في التعبير عن النفس البشرية حيث اشتهر بتقسيمه الخيال المادي الى أربعة عناصر وهي (النار والماء والهواء والتراب أو الأرض)[2] وقد كانت دراسته لموضوع الخيال الإنساني بهذا الشكل سابقة ولهذا يعتبر من أهم الرواد المؤسسين للمنهج الموضوعاتي أو الأب الروحي له بحسب تعبير بعض النقاد فهو يرى أن الخيال دينامية منظمة عكس تصور سارتر الذي يرى بأن الخيال أثر للواقع (العدمي) وبالتالي فالخيال في نظره ينظم عالم الفنان أو الأديب الخاص[3]، ومن أهم مؤلفاته : التخيل الشاعري، لهيب شمعة، شاعرية الفضاء، شاعرية الحلم، العقلانية المطبقة، المادية العقلانية، الروح العلمية الجديدة، فلسفة اللا، جدلية الاستمرار[4].

ب - جان بيار ريشارد (Jean-Pierre Richard) :

ولد جان بيير ريشارد في مرسيليا سنة 15 يوليو 1922، وتوفي سنة 2019 ناقد أدبي وشخصية أكاديمية كبيرة  درس في كل من جامعتي فينسين والسوربون، يعتبر المنظر الأساسي للمنهج  "الموضوعي" الذي افتتحه أساسًا كل من غاستون باشيلارد وجورج بوليه بعدهما، عرف المنهج على يده تطوير وتنقيح كبيرين حتى صار شيئا من كل شيء واكتسى صياغة جديدة جعلت منه تجربة نقدية فريدة من نوعها في الأدب الفرنسي والعالمي جديرة بالدراسة والتدريس[5].

يعتبر جان بيار ريشار من أهم المنظرين لهذا المنهج بعد جاستون باشلار ويستعمل من أجل توضيح رؤيته بخصوص هذا المنهج مجموعة من المفاهيم كما سبق ووضحناها ولعل من أهمها مفهوم الوجود في العالم و مفهوم الحسية حيث يوضح من خلال هذه المفاهيم أن العمل الأدبي يعكس التجربة الإنسانية والحسية للشاعر في العالم من حوله من خلال تبيان كيفية التفاعل الحسي والشعوري للمبدع مع هذا العالم المحسوس ويعتمد في ذلك على محاولة استكشاف اللحظات التواصلية الأولى التي تربط بين الأديب وعمله من جهة وبين الأنا الواعية والعالم من حولها من جهة أخرى من أجل تحصيل معرفة أعمق بهذه التجربة الإنسانية التي توضح لنا بشكل خاص الجانب الشعوري والحسي للمبدع في علاقته مع العالم.

ويركز جان بيار ريشار على الجانب الحسي والشعوري في العمل الأدبي لأنه يقول بأنه لا سبيل لفهم التجربة الإنسانية داخل هذا العالم المحسوس الا من خلال فهم شعور وأحاسيس الأنا الوعية أو الأنا المبدعة والتعاطف معها وملاحظة هذه التجربة من نموها الى نضجها، وبالتالي يصبح للأحاسيس والمشاعر أهمية بالغة في العملية النقدية لدى ريشار، يقول دانييل بيرجيز : " يشترك ريشار وبوليه، على مايبدو، في المشروع النقدي ذاته. إذ يحاول ريشار، هو الآخر تحديد نوع من الوجود في العالم مؤسس على التجارب التي تتجلى بصورة أشكال في العمل الأدبي. وهو يسعى الى تركيز ما يبذله من جهد للفهم والتعاطف في تلك اللحظة الأولى للإبداع الأدبي : اللحظة التي يولد فيها العمل الأدبي من الصمت الذي يسبقه ويحمله، والتي يتشكل فيها انطلاقا من تجربة إنسانية كما يؤكد ريشار في بداية كتابه (إحدى عشرة دراسة حول الشعر الحديث) أن جميع هؤلاء الشعراء قد تمت معاينتهم عند مستوى اتصالهم البدئي بالأشياء. وهكذا تصبح الأحاسيس حقلا متميزا للتحليل بالنسبة الى هذا الإجراء النقدي"[6] من أهم الأعمال الأدبية النقدية لجان بيار ريشار: الأدب والحساسية 1954، الشعر والأعماق، ، العالم التخيلي لمالارمي 1961، دراسات عن الشعر المعاصر1964، من أجل قبر لاناتول، مشتهد شاتوبريان 1967، مراسلات مالارمي، دراسات عن الرومانسية [7]1970.

ج - جورج بوليه (Georges Poulet) :

ولد جورج بولي (1902 سنة) وتوفي (سنة 1991) من أصل بلجيكي شغل كرسي الاستاذية في كل من جامعة إدينبورغ ، بالتيمور ، زيورخ ، نيس، وتتضمن قائمة أعماله الكاملة حوالي عشرين عملاً[8]،  تقوم الرؤية النقدية لجورج بولي على مفهوم وعي الأنا المبدعة من خلال علاقتها بنفسها أولا وعلاقتها بالعالم من حولها ويعتمد في عمله هذا على الكوجيتو الديكارتي (أنا أفكر إذن أنا موجود) بحيث أنه أولا وقبل كل شيء العمل الأدبي يعكس ويمثل وعي الكاتب وبالتالي من مهمة الناقد استكشاف هذا العمل من خلال البحث في الجذور التأسيسية الأولى لهذا الابداع أي البحث في بدايات تشكل الوعي بالذات الخاص بالمبدع ومن بعده الوعي المتعلق بالوجود من حوله من خلال تجربته الوجودية والابداعية الفنية

يقول دانييل بيرجيز " بوليه هو بدون شك أقرب النقاد الى باشلار : فلقد انصب كل اهتمامه في الوعي المبدع من خلال أشكال الوجود في العالم التي يعرضها العمل بصورة شبكات تخيلية، كما أنه امتدادا لوجهة النظر الروحانية لمؤسسي مدرسة جنيف بتعريفه، العقلي والحسي معا، لمبدأ الأنا المفكر « «cogitoالذي يريد دراسته : وتعني استعادة كوجيتو كاتب أو فيلسوف في أعماقنا والعثور على طريقته في الإحساس والتفكير، ومعرفة ولادة هذه الطريقة وتشكلها وما هي العقبات التي تصادفها. إنها إعادة اكتشاف معنى حياة انتظمت انطلاقا من وعيها بذاتها" [9]

ويعتمد جورج بولي في أطروحته النقدية على مفاهيم أساسية وهي مفهومي الزمان والمكان باعتبارهما أبعاد للوجود تتعرف من خلالهما الذات الواعية على الحقائق الوجودية يقول دانييل بيرجيز : " اهتم بوليه بمثابرة لا مثيل لها بصنفي الإدراك الحسي الكبيرين : الزمان والمكان"[10] ويتضح هذا الأمر أكثر من خلال رغبة الناقد في استكشاف وعي وكوجيتو الكاتب بالنسبة للنفسه من جهة وبالنسبة للعالم من حوله من جهة أخرى فعندما يجيب الكاتب عن سؤال من أنا في النص يطرح الناقد سؤالا آخر متعلق بالأول وهو متى أنا وهو سؤال يوضح تلك اللحظة الوجودية التي تمكن خلالها الكاتب من الوعي بذاته واستكشافها، ثم يطرح أيضا سؤال أين أنا الخاصة بالكاتب وهو سؤال يعبر عن الفضاء الذي تمكنت الذات المبدعة من اكتشاف نفسها عبره دون غيره يقول جوزف لبس " وما النص الأدبي سوى تجسيد هذا الوعي تجسيدا فنيا أو هو كوجيتو الكاتب. قال : السؤال من أنا؟ يمتزج بسؤال متى أنا؟ ما هي اللحظة التي تمكنت فيها من اكتشاف نفسي عند عتبة زمان أصبح زمانا وجوديا؟ سؤال يماثله آخر: أين أنا؟ ما هو الفضاء الذي أكتشف فيه نفسي؟"[11]، من كتبه : دراسة حول الزمان الإنساني (1950)، البعد الداخلي (1952)، تحولات الدائرة (1961)، الفضاء البروستي (1963)[12]، الوعي النقدي (1971)[13].



[1]  encyclopédie [personnage]  Gaston Bachelard ، LAROUSSE

[2]  جوزف لبس، منهج النقد الموضوعاتي في البحث عن النغم الضائع، بيروت لبنان، رابط الموقع أنقر (هنا) :              

[3]  دانييل بيرجيز، مجموعة من الكتاب، مدخل الى مناهج النقد الأدبي، ترجمة رضوان ظاظا، مراجعة المنصف الشنوفي، مجلة عالم المعرفة، العدد: 221، الكويت، ط : 1978/ ص : 105.

[4]  سعيد علوش، تنسيق عز الدين العمراني، النقد الموضوعاتي، شركة بابل للنشر والطباعة، الرباط، الطبعة الأولى : 1989، ص: 17/18.

[5] RICHARD JEAN-PIERRE ، UNIVERSALIS.FR، رابط الموقع أنقر (هنا) 

[6]  دانييل بيرجيز، مجموعة من الكتاب، مدخل الى مناهج النقد الأدبي، ترجمة رضوان ظاظا، مراجعة المنصف الشنوفي، مجلة عالم المعرفة، العدد: 221، الكويت، ط : 1978/ ص : 124/125.

[7]  سعيد علوش، تنسيق عز الدين العمراني، النقد الموضوعاتي، شركة بابل للنشر والطباعة، الرباط، الطبعة الأولى : 1989، ص: 28/29.

[8] POULET GEORGE، UNIVERSALIS.FR. 

[9]  دانييل بيرجيز، مجموعة من الكتاب، مدخل الى مناهج النقد الأدبي، ترجمة رضوان ظاظا، مراجعة المنصف الشنوفي، مجلة عالم المعرفة، العدد: 221، الكويت، ط : 1978/ ص: 120.

[10] المصدر السابق، ص : 120/ 121.

[11]  جوزف لبس، منهج النقد الموضوعاتي في البحث عن النغم الضائع، بيروت لبنان، ص: 6/7، رابط الموقع أنقر (هنا):

[12]  سعيد علوش، تنسيق عز الدين العمراني، النقد الموضوعاتي، شركة بابل للنشر والطباعة، الرباط، الطبعة الأولى : 1989، ص: 20/21.

[13]  جوزف لبس، منهج النقد الموضوعاتي في البحث عن النغم الضائع، بيروت لبنان، ص: 7. 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
سعيد