أخر الاخبار

تلخيص كتاب الثقافة التفسير الأنتربولوجي، آدم كوبر، الجزء الثاني. book summary : culture, the anthropologist's Account by Adam Kuper

 





الفصل الرابع : علم الأحياء كثقافة
،  ديفيد شنايدر

ديفيد شنايدر هو عالم أنتروبولوجيا أمريكي ولد سنة    1918  وتوفي سنة 1995 في سانتكروز في كاليفورنيا، وقد تأثر بمفهوم الثقافة عند أستاذه تالكوت بارسونز، وقد أشار ادم كوبر في بداية  الفصل كيف انتهى الأمر بديفيد شنايدر ضد المؤسسة مستقلا مشاكسا ومثيرا للمشكلات نوعا ما ،عكس كليفورد جيرتز الذي اختير إلى جانبه  من طرف تالكوت بارسونز .

يبين ادم كوبر كيف حاول شنايدر كانتروبولوجي متأثر بأفكار بارسونزمن تقديم تفسير ثقافي لعلاقات القرابة كمنظومة رموز، حيث تطرق في كتابه - صلات القرابة الأمريكية تفسير ثقافي -هذا الكتاب الذي تكلم فيه عن  الرموز، والتي هي صلات القرابة الأمريكية واهتم بنسق الرموز والمعاني ولم يهتم بالوصف، واعتبر أن عناصر الثقافة تكتسب معناها من علاقة كل عنصر بالعناصر الأخرى المؤلفة للنسق القائم على الأضداد والتقابل الثنائي، ويبين شنايدر أن الحب يمثل الرمز الأساسي و المحوري في نسق القرابة الأمريكية ،و أن النظام الرمزي مستقل و قائم بذاته وهذا ما اتفق به شنايدر مع بارسونز، بقوله أعني بالرمز شيئا يشير لشيء أخر بحيث لا توجد علاقة مهمة أو ذاتية بين الرمز والشيء الذي يرمز إليه ، بل وبين انه كما  يشير الرمز الديني إلى الأشباح قد تشير رموز صلات القرابة إلى أفكار بنيت ثقافيا وأن الرمز الجوهري لصلات القرابة الأمريكية هو الاتصال الجنسي وهو رمز عشوائي، وإن الحقيقة الطبيعية التي تقوم عليها البنية الثقافية للعائلة هي الاتصال الجنسي، و هذا يقدم الرمز الجوهري في صلات القرابة فالأبوان يتقاسمان مادة مشتركة مع أطفالهما، و المادة المشتركة تولد نوعا أخر من الحب ،وهناك نوعان مختلفان تماما من الحب، الحب الناتج من الزواج وهو حب شهواني والحب الناتج من قرابة الدم وهو يقترن بصلة القرابة .

 لقد جادل شنايدر بأن التمييز بين الطبيعة والثقافة هو من اصطناع الغرب وقد أقام الأمريكيون تعارضا بين الثقافة و الطبيعة وأكد أنهم يثمنون الثقافة بقيمة أعلى من قيمة الطبيعة ،وقد جادل أيضا كلود ليفستراوس بان نظم صلات القرابة أسست جميعا على التعارض الكوني بين الطبيعة و الثقافة ،إن البشر خليط من الطبيعة و الثقافة ولكن هويتهم الثقافية هي التي تجعل منهم بشرا فالسلوك الأخلاقي يروض الحيوان المتخفي تحت الجلد ، والأقارب في الطبيعة يولدون ، أما الأقارب في القانون يكتسبون من خلال الزواج ، و على عكس أقارب الدم الذين تمنحهم الطبيعة يحصل المرء على أقارب عن طريق الزواج نتيجة اختيار شريك للزواج وهو الاختيار الذي يمكن إلغاءه ، ولذلك العلاقة وفق القانون تقام بالعرف وتسترشد بلائحة سلوكية عرفية أي نظام أخلاقي يعبر عن الحب، ولكن يجب اتباث أهلية التعارض الدقيق بين أقارب الدم و أقارب القانون فقد يكون المرء قريبا بالدم و بلائحة السلوك العرفي،  فعلى سبيل المثال الطفل الذي يولد خارج إطار الزواج هل سيطلق عليه طفل طبيعي آم طفل غير شرعي فهناك رابطة  دم ولكن غير مسموح بها قانونا و على العكس من ذلك في حالة التبني يعد الطفل ابنا قانونيا ولكن ليس قريبا بالدم .

بين ديفيد شنايدر الباحث في الأنتربولوجيا كيف كان  شعب الياب ينكر دور الاتصال الجنسي في التكاثر، فبعد أن أرسل في فريق يضم ثلاث  باحثين في الأنتروبولوجيا و البيولوجيا وعلم الاجتماع إلى الميدان سنة 1948 وبعد أن تشاجر مع شركائه ، ركز على نضام علاقات القرابة في ياب، وبالتالي انخرط في مجال تعلمه وحاول أن يظهر علاقات القرابة لدى شعب الياب ، وقد وضح أن مصطلحات القرابة لدى شعب الياب لا تحدد علاقات النسب فهي لا تكون مصطلحات للقرابة وان نظرنا إليها بدقة ومن الممكن وضع الغير أقرباء في فئة واحدة .وقد بين أيضا كيف كان  شعب الياب الذي ينكر دور الاتصال الجنسي في التكاثر بأنه لا فكرة لديهم عن الأبوة  كما نظر إلى أن مصطلحات الأقارب لديهم يمكن الإشارة بها إلى غير الأقارب فهي ليست مصطلحات خاصة بصلات القرابة . وحين كانت مهمة الأنتروبولوجي هي دراسة ثقافة شعب الياب أي مفاهيمهم ، لم تكن هناك كلمات تمكن من ترجمتها إلى اللغة الانجليزية على أنها ترادف أم أو أب أو ابن أو ابنة فمن الواضح انه لا يمكن أن تكون هناك عائلات و بالتالي ليس لدى الياب مفهوم عن صلات القرابة ، ومن ثم فان الخصائص السوسيولوجيا لشعب الياب مثل الآسرة النووية ليست شانا من شؤون الأنتروبولوجي ، ويوضح ذلك بقوله (هل نهدف إلى فهم وتحليل ثقافة شعب الياب ،  لو أن ثقافة شعب الياب تتآلف من أفكارهم وصيغهم واهتماماتهم،  ومفهوم عن المفهوم وجمعتاهم وكيف يبنونها إذن علينا أن نتمسك بهذا الهدف،  بالتأكيد هذا هو هدفي وهو الهدف الوحيد الذي اعتبره شرعيا في الأنتروبولوجيا ).

لقد نشر ديفيد شنايدر معلومات جديدة من قبل اثنوغرافيين،  وهذا جعله يدرك عدم كفاية تفسيره المبدئي لصلات القرابة لدى شعب الياب ،   ولكنه عندما تعامل مع هذه المعلومات  كان يتجاوز دوما الاكتشافات غير الملائمة لوجهة نظره ، وكانت حجته أن اليابين ينكرون دور الرجل في التكاثر وقد أكد ذلك أيضا تلميذه و هو  ديفيد لابي بحيث أكد أن اليابين يعتقدون انه بالفعل يتعين على الرجل  أن يخصب المرآة كي تحبل وكان هناك تشبيه مجازي بين فن الزراعة والتكاثر على الرغم من أن المرآة لا تمتلك الأرض ، إلا أنها تمتلك نوعا من الأرض، و التي هي القدرة على الإنجاب ، وان أشباح الأسلاف تلعب دور مهما في هذه العملية فتجعل عمل المرأة مثمرا بتيسير الإخصاب ونمو الطفل .

الفصل الخامس:  التاريخ كثقافة، مارشال سالينز

      للكلمات تاريخ وهي لحد ما أيضا تصنع التاريخ ، أو تساهم في صنعه، ففي كتاب" ادم كوبر " "الثقافة تفسير أنثروبولوجي" تطرق إلى التاريخ كثقافة في جزئه الثاني لخاص بالتجارب للعالم الأنثروبولوجي، مارشال دافيد سالينز والذي  ولد سنة 1930 في شيكاغو، وعمل في الستينيات مساعدا للفرنسي كلود ليفي ستروس، وهو الآن أستاذ أناسة متفرغ في جامعة شيكاغو مختص في دراسة المجتمعات البولينيزيا و الاقتصاد البدائي.

   وفي هذا الفصل الخامس، تطرق ادم كوبر لدراسة الثقافة من منظورها التاريخي. فقد أحرزت النسبية الثقافية تقدما ملحوظا في مجال الأنثروبولوجيا الأمريكية إبان الخمسينات و الستينات القرن العشرين، ولم يتمكن أي من مؤيدي الأنثروبولوجيا الرمزية من الاستحواذ على المجال لأنفسهم،  فأسس جوليان ستيوارد و ليسلي وايت مركزا للنظرية التطورية ، في جامعتي ميشيغان و كولومبيا . ثم انتقل بعدها من ميتشغان إلى كولومبيا ، حيث كان يحاضر خلال فترة  1957_ 1973، وحول هذين القائدين التفت حوله حلقة من العلماء شباب، و كان اغلبهم من المجندين من بينهم مارفين هاريس و سيدني مينتز ...الخ وقد كان ضمنهم  مارشال سالينز العضو الأحدث سنا في دائرة التطوريين الجدد و قد شكل التطوريين الجدد مجموعة راديكالية ، إذ انجذبوا إلى نظرية  التطور إلى حد ما بسبب روابطها بالماركسية، إذ نظر أعضاء الفريق لأنفسهم على أنهم يشكلون حزبا أنثروبولوجيا تطوريا محاضرا و مستعدا للقتال، و شعروا على أن بواسقد أضل الطريق للأنثروبولوجيا الأمريكية بموقفه المتشكك من نظرية التطور العضوي و إصراره على الخصوصية الهويات الثقافية، إذ كتب ليزلي وايت  إلى حتمية ميراث بواس، ومن هنا انطلق المنهج التطوري الجديد  ، الذي اعتمد بالأساس على الجدل أو طرق التي كان ينظر إليها كل من وايت و ستيوارد، إذ اعتقد وايت على أن مستوى استهلاك الطاقة يقدم مقياسا موضوعيا للتقدم الثقافي، و بين الذي فضل دراسة عمليات التطورية في مناطق شهدت على استمرارية  ثقافية .

 إذ تعين على الأنثروبولوجيين دمج هذين المنهجين التطوريين فكل هذه التطورات هي استجابة للضغوط المحلية  من خلال انتخاب الطبيعي ، و لتوضيح دلك عمل سالينز للعمل الأثنوغرافي لدراسة مجتمع فيجي ولثقافة موالا،التي تعتمد على التنظيم  متكيفا مع البيئة .

فسالينز ركز في دراساته على ما وصفه  "اقتصاديات العصر الحجري". بحيث جادل في العديد من مقالاته في الستينات بان هناك نوعين من المجتمعات لكل منها شكله المميز من ناحية التنظيم الاقتصادي، بدا من المجتمعات التي تساوي بين أفرادها و التي تقوم على صلة القرابة؛ وهذا ما شبهه بالنموذج الاشتراكي البدائي،  ووصولا إلى الدول التي تقوم على تسلسل الهرمي للسلطة، ومثلث هذه الدراسات الأثنوغرافية في مجتمعات متعددة مثل ميلانيزيا الصغيرة ، تونغا ،هواي، تايهيتي و مناطق المحيط الهادي و غينيا  الجديدة  حقلا خصبا لمارشال سالينز في دراساته حول المجتمعات البدائية، إذ خلص سالينز إلى أن المجتمعات العصور الحجرية تساير المجتمعات " كونغ بوشمان " الصيادين السعداء بما يوجد الحظ و مستغنين عن كل الحاجة  و العمل الشاق.  

   فالمفهوم النسبية الثقافية إذن عند سالينزتنطلق من  إن الماديين سيتعاملون مع الثقافة على أنها مجموعة من الأدوات ، أي تكنولوجيا الاستغلال المنطقي للطبيعة، وكان هذا مفهوم تايلور وماركس في بدايته، وترتب على هذا إمكانية تقسيم تاريخ الإنسانية إلى سلسلة متوالية من المراحل التي شهدت تقدما و تطورا على مستوى الاستهلاك و أنماط الإنتاج و التكنولوجيا .

وفي تصور أخر يرى سالينز أن المثاليون المعاصرون في الأنثروبولوجيا الأمريكية ينظرون للثقافة على أنها مجموع من عمليات التمثيلية  التي شكلت الفعل و صاغت الأحداث.

  ولتوضيح هذه النقطة ، قدم سالينز تفسيرا لما ينتجه الأمريكيون لتلبية الاحتياجات الثقافية المعينة ليس أشياء نافعة ، بل رموز فأمريكا  ثقافة استهلاكية .حيث تتمظهر العلاقات في صورة أشياء مصنعة وهذه هي الطواطم الأمريكية .

  أجرى سالينز مجموع من الدراسات الحالة حول الأحداث التاريخية من خلال الأساطير التي اعتبرها من تبرر لنا الحاضر و تضفي الشرعية على الحاضر و الممارسات الحالية . وقد قدمها أيضا جيرتز على أنها مجموع من الرموز تقدم تفسيرا للعالم و مجموعة من القواعد للفعل في هذا العالم . وتطرق في هذا الفصل على وجه الخصوص إلى الزيارة التي قام بها الكابتن كوك إلى هاواي ، خلال فترة 1778 إلى 1779 . ووفاة كوك هناك و تغيرات ثورية  التي تبعت ذلك .

 اعتمد سالينز في تحليله على تفسير مفاده أن أهالي هواي اعتبروا كوك هو الههم لونو، وعلى الرغم من أن هذه الفكرة كانت راسخة إلى أنها كانت عرضة للتأويل و المعارضة من قبل بعض .فقد رفضها العالم المتخصص فيبولينزيا ، هوستر بيتر بارك . لكن معضم المؤرخين اتفقو على أن كوك كان بعامل على أساس انه تسجيد للونو، و كتب أيضا على ان الهدف يتمثل في " زخم مفهوم التاريخ بالخبرة الأنثروبولوجي  للثقافة "، و يعتقد انه قد أحرر التاريخ أخيرا من إخفاقاته في فهم الثقافة ، و البنيوية من التكيف مع التاريخ ، و النظرية الاجتماعية بصفة عامة من انقسامها الثنائية الزائفة بين الفكرة و الفعل ـ الثقافة و البنية الاجتماعية و البنية و الحدث .لقد كان سالينز يطمح إلى إصلاح بين  الأنثروبولوجيا الأمريكية بتقديمه للنظرية الجديدة و بين النموذج الماركسي ، ينطلق من إصلاح النموذج الماركسي باعتماده على شتراوس .

 ان مارشال سالينز  يمكن اعتباره من أهم الشخصيات في الجدال الرئيسي و الكبير الذي هيمن على الأنثروبولوجيا الأمريكية .

الفصل السادس: عالم جديد شجاع

   شيري أورينر تقول "أن أنثربولوجيـا السـبعينيات من القرن العشـرين كانت أكثر ارتباطا ووضوحا

وشـفافية بأحـداث العالم الواقعي منها بالعصور السابقـة، فقـد ظهرت الحركات الاجتماعيـة الراديكاليـة على نطاق واسع فأولا جاءت الثقافة المضادة ،ثم الحركة المناهضة للحرب ،ثم بعـد مرور فترة وجيزة، الحركة النسوية، ولم تؤثر هذه الحركات في العالم الأكاديمي فقط ،بل تأصـلت في أجزاء مهمـة منه وتعرض كل ما كان جزءا من النظام القائم إلى الشك والنقد".كما نشـرت شـيري اورتنر في العام1984 مقالا مؤثرا تحت عنوان "النظريـة في الأنثربولوجيا منـذ الستينات" تتبعّت النهـج الفكري للأنثربولوجيا الأمريكية الحديثـة . فقـد عبث الجيل الذي دخل المجال بعد الحرب العالمية الثانية بكل من النزعة الوظيفية البريطانية والبنيوية الفرنسـية ،إلا أنهم عادوا مجددا إلى موضوعات أكثر تقليدية تتعلق "بالثقافة" بدلا من المتجمع كما أنهم انقسـموا أيضا بين الحزبين الأنثربولوجيين القـديمين والكبيرين ،أي والنسبيين،اللـذين أعيدت تسـميتهما في الستينات من القرن العشـرين ب"الأيكولوجيا الثقافية"وب"الأنثربولوجيا الرمزيـة" على الترتيب. وفي العام 1988 نشـر جيمس كليفورد –المحرر المشارك ل"كتابـة الثقافـة"إصدارا يحمل عنوان "مأزق الثقافة" وهو سلسلة مترابطة من المقالات التي ظهرت في بادئ الأمر خلال الفترة من 1979 إلى 1986،وينتسب كليفورد إلى برنامج تاريخ الإدراك متعدد التخصصات في جامعة كاليفورنيا سانتا كروز،وهو ليس أنثربولوجيا وإنما مجرد "مؤرخ وناقـد للأنثربولوجيا"على حـد قوله.ويقرأ كليفورد،الذي هو منظر أدبي ومفكر ومؤرخ في آن واحد ،ما بين سطورا لنصوص الاثنوغرافية للقرن العشرين ،ويجد أن ما تكشف عنه ليس طبيعة الثقافات الأخرى ،كما تتظاهر بذلك ،إنما بالأحرى ما يصفه بأزمة الثقافة .ويدور كليفورد حل هـذا المفهوم من عـدة نقاط مختلفـة ، إلا أن الافتراض الرئيس يمكن اختصاره في أن العالم قد تغير.فصار الغرب يتضـمن سائر العوالم الصـغيرة للبقية،وتعرض بدوره للوجود الزاخر من المهاجرين ،وتمر الثقافة ومن ثم الهوية بحالة تغير مسـتمر ،فهما ليسـتا مستقرتين وممنوحتين وإنما على حالة من السيولة وتبنيان عن وعي إلى حد ما .فلم يعد بالإمكان أخذهما كأمور مسلم بها.والمصطلحات الثلاثة لحجة كليفورد ،المتداخلة بعضها مع بعض على نحو يتعذر تفكيكه هي الثقافة والهوية وتدوينهما في"اثنوغرافيا".فالثقافـة والهويـة في حالة تغير مسـتمر .وبالتالي تتعرض الاثنوغرافية لازمـة ، ويجب إعادة بناء أساسـها النظري ،ادرك الأنثربولوجيين هـذه التغييرات (التي يصفها كليفورد بصفات متنوعة مثل تحولات ما بعد الحرب العالمية الأولى،وما بعد الاستعمار ،وما بعد الحداثة )بعد فوات الأوان.وأخيرا تخلى عن الخيال المتعلق بالوحدة الثقافية الواحـدة .فتعلم الاثنوغرافيون أن الحـدود الثقافية ليست أكيدة وأنها عرضة للتفاوض،وان كل الاختلافات الثقافية مفندة من الداخل .ومع ذلك يعتقد كليفورد أنه على الرغم من أن علينا التخلي عن افتراض ان أي ثقافـة هي وحـدة متكاملـة صامـدة،يعتنق قيمها الجميع،إلا انه يجب أن نتمسك بمفهوم الثقافـة نفسه.فيقول:"الثقافة هي فكرة شديدة التوفيقية لا أستطيع الاستغناء عنها بعد

بينما يعـد كليفورد ناقدا للكتابة الاثنوغرافية فان ريناتو روزالدو هو اثنوغرافي شهير كما أنه يولي اهتماما أكبر بنوع المعرفة التي يمكن اكتسابها في الميدان. وفي كتابه"الثقافـة والحقيقة"الذي صدر في العام 1989، يرفض أيضا الخضوع للسـلطة العلميـة،إلا انه يحث بـدلا من ذلك على أمانـة التجربة. وقد فسـر له أفراد قبيلة الغونوت -الذين عمل ضـمنهم كاثنوغرافي – السـبب الذي اعتادوا لأجله الخروج لاصطياد الرؤوس ،إذ إنها الوسيلة الوحيدة للتعامل مع الغضب الذي يعقب الشعور بالفجيعة.ودونّ روزالـدو بـالطبع هـذا التفسـير الثقـافي في دفتر مفكرته ،إلا انه حـاول بعـد ذلـك الكشف عن تفسـير اجتماعي أكثر إقناعا لصـيد الرؤوس، ولم يـدرك ما تعنيه الفجيعة والشعور بالغضب لـدى صائـدي الرؤوس من الغونوت سوى عنـدما فقد زوجته في حادث مأساوي بينما كانا يشاركان في العمل الميداني في الفلبين ، فقبل تفسيرهم للدافع وراء صيد الرؤوس. ويتمثل المغزى من هذه القصة (الحزن وغضب وصائد الرؤوس) في ان البصيرة تنبع من التجربة الشخصية (وكما يقال الألم يولدّ الإبداع ، فقد أبدع هؤلاء ما يفرغ طاقات الغضب والكبت عندهم بهذه العادة إلا وهي صيد الرؤوس ) فلا يستطيع المرء إدراك التجربة التي يمر بها الآخرون سوى عندما يعاني من أمر مماثل.ويجب ان تستند الإثنوغرافيا الجيدة إلى التعاطف. فان الإثنوغرافي الذي يصف الحداد ،يتعين عليه توضيح ما إذا كان هو أيضا عانى من فقد عزيز عليه  في المشاعر مهمة .وينتقد روزالدو إيه ار.رادكليف-براون احـد الإباء المؤسسـين للأنثربولوجيا الاجتماعية البريطانية .على تحليله التقليدي للنحيب الشـعائري في جزر اندامان.فوفقا لراد كليف – براون ينوح الأنـديمانيون في مراسم العزاء ،ويؤول براون النحيب على انه عمل رمزي ،أي تقليـد متعارف عليه. ويعترض روزالـدو على ان مثل هذا التحليل يتجاهل ويقلل من قيمة المشاعر العاطفية للانديمانيين في تكيفهم مع الأحداث المأساوية.

 الفصل السابع: الثقافة و الاختلاف و الهوية   

شاهد أيضا

في بداية هذا الفصل هناك الحديث عن المكانة و الاهتمام الذي عرفته الثقافة إن الثقافة لأن أكتر روجا مما كانت عليه أو عرق معين

و تم إدراج مجموعة من الفرضيات المسلم بها من طرف معظم الانتروبولجيون  كأن الثقافة مكتسبة و ليست حكرا على جنس أوعرق معين و أن الثقافة الإنسانية مشتركة و الآن الثقافة الإنسانية مشتركة و الاتفاق بشان مصطلح  الثقافة   بحيث أن معظمالانتروبولوجين الأمريكيين يستخدمون مصطلح الثقافة الأمريكية بدل من الحضارة العالمية فالثقافة هنا تتعلق بالأفكار

و يؤكد الانروبولوجين الأمريكيين على أن الثقافة نضام رمزي و أن العادات و القيم قابلة لتغيير من الناحية الثقافية ومن الطبيعي أن يروج الانتروبولجين لأفكارهم غير أنه رغم مجهداتهم في هذا المجال و رغم الاهتمام الذي ضحيت  به الثقافة في إلا أنهم لم يعترف بهم كخبراء أكاديميين بحيث يقول تريس تيرنر: " عدا معظمنا يجلس لفترة طويلة مثل زهرة الحائط مثقف حزين ب مثقف حزين ب مثقف حزين بانتظار من يطلب حكمتنا الرفيعة و نشعر بأكتر ما هو غضب عندما لا ندعى أبدا" وبرما هذا يعني أن الثقافة لم تعد رائجة نوعا ما و قد تم تبرير ذالك من طرف تيرنر بالثقافة السياسية.وبالحديث عن التعددية الثقافية يشير تيرنر أن التعددية الثقافة على خلاف الانتروبولوجيا فهي تدعوا إلى التغيير.

و الكثير من الانتروبولوجين اتجهو نحو المحفل السياسي أو لم يترددوا في جعل الثقافة ضمن الخطاب السياسي و في المقابل مالينفسكي وليفي ستراوسعالجوا المسائل السياسة الكبرى.

كما تم الحكم على أن الثقافة الرفيعة الرسمية مشبوهة و الثقافة الجماهيرية اصطناعية و أن الثقافة الشعبية لا ينظر أليها من الناحية الأكاديمية بل بتعاطف و أن الثقافة الرفيعة سلعة عامة يجب الحفاظ عليها و ترويجها فثقافة الصفوة ما يعطيها هذه الأهمية وهو دعمها لطبقة الحاكمة  و تعمل وسائل الإعلام دورا كبيرا في نشر ثقافة معينة و هذا ما ينزعج منه الفكر الناقد خاصة و أن هذه الوسائل تدعم القوى الرأسمالية الكبرى.

و يقول سوار هول و أن الثقافة الشعبية كانت تعد لا ضرر منها غير أن خطر استخدامها من طرف أصحاب النفوذ قائم على الدوام.

ومن المسلم في أوروبا أن القائمين على الدراسات في مجال الثقافة هم يساريون, و يقول جون ستوري إن جميع الافتراضات الأساس لدراسات الثقافة هي ماركسية و من المعروف أن الماركسية لم يكن لها انتشار بالولايات المتحدة الأمريكية.

و بإدراج الانتروبولوجيا في نطاق الدراسات الثقافية سيتم الكشف عن الهيمنة الغربية و الرأسمالية, و بهذه الحجة نشر كل من ماركوس و فير كتاب (الأنتروبولوجيا كنقد ثقافي)  و نشر ماركس مقالا دعا فيهإلى جعل الانتروبولوجيا فرعا من فروع الدراسات الثقافية.

و عندما تقتصر الثقافة على الفنون و وسائل الإعلام و النظام التعليمي فإنها تتعامل مع بعض الجوانب و بهذا تكون المؤسسات التي تنتج الثقافة هي قليلة جدا, و إن الانتربولوجين الأمريكيين يفكرون و بقلق حول الدراسات الثقافية كتهديد لاحتكارهم الأكاديمي بحيث أن العديد يعتبرون أن التعددية الثقافية فرصة لاستدراك مافات ,و يجب أن نجزم بان التعددية الثقافية ليست بالحركة الاجتماعية المتماسكة .و يذهب تيرنر إلى المقارنة بين التعددية الثقافية المبنية على الاختلاف و التعددية الثقافية المبنية على النقد فالاختلاف الثقافي ينظر إلى الداخل أما التعددية النقدية فهي على النقيض ذات نظرة خارجية.ويرى تيرنر أن تطور الدراسات الثقافية مرتبطة بصورة شاسعة بالثقافة  الفرعية و الأوساط الإعلامية.

و على الرغم من التصنيفات و أشكال التعددية الثقافية فإن الافتراضات الأساس لتعددية الثقافية هي أمريكية بامتياز إذن الهدف هنا هو استبدال اديولوجية البوثقة الأمريكية بما هو في الواقع إديولوجية تعاكس الإستعاب فأتباع التعددية الثقافية يرفضون الاتجاه الذي يرى على المهاجر أن ينساق نحو التيار الأمريكي و إنكار أن جميع الأمريكيين في المثل العليا لطموحات ولكن هم لا يعتبرون هذا مشكلة في حد ذاته بحيث أن المشكلة ليست في وجود  اختلافات بل كيفية التعامل معها  فالثقافة المهيمنة تفرض قواعدها على أي شخص غير أن اختلاف الناس يعرف بهم فهم ليسوا من الجنس الأبيض وليسوا من أصول إنجليزية.

إن النقاشات في أمريكا حول الهوية و الثقافة تم ربطها بالهجرة, غير أن النقاش في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي كان حول العرق و ليس الهجرة و موقع الأسود في المجتمع الأمريكي على وجه الخصوص, و قد أثيرت عن حقوق المدنين و تقبل الغالبية للأقلية و سياسات الثقافة. في ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي كانت اكتر اهتمام بأصناف الناس يختلفون عن المجموعات المهاجرة أو الأمريكيين و كل الأقليات سواء كانت قديمة أو جديدة في موقف متشابه, رغم أن الإنسان الأسود في أمريكا مختلف و تكون هناك عدة اعتبارات كونه يهودي أو يتكلم اللغة الإسبانية وهذه الأقليات كانت موجودة رغم أن الاعتراف بها جاء متأخر.

و الملزمون بالاختلاف لا يستطعون الاستغناء عن أمور مثل الأفكار المتعلقة بالثقافة ويصف كليفود نفسه يجاهد بحتا عن مفهوم يستطيع الحفاظ على الوظائف التميزية لثقافة في الوقت الذي يدرك فيه أن الهوية الجمعية هجين و في الغالب عملية متقطعة.

ولفهم الثقافة يجب تفكيكها و فصل عناصرها بحيث أن هذا التفكيك يمكن من اكتشاف التغيرات كما أن التأكيد على ملاحظة الفوارق الجذرية بين الناس يقدم توطيد هذه الفوارق, و يرفض الانروبولوجين الأمريكيين أ، الفوارق أمر طبيعي وأن الهوية الثقافية تستند لهوية بيولوجية.ولا يتخلى الكتاب الأمريكيين الذين يثيرون موضوع الهوية الثقافية و الاختلاف الثقافي بالضرورة عن فكرة العرق لصالح الثقافة .و يضيف مايكلز أن المفهوم الحديث لثقافة ليس للعنصرية بل شكل من أشكال العنصرية, لكن ما يعيب الهوية الثقافية أنه من دون اللجوء للعنصرية الثقافية لا مغزى لها, و البديل هنا هو تحويل الهوية إلى  الثقافة  و ستصبح الثقافة هي السلطة الوحيدة على سطح الأرض.

و يعتبر ليفي ستراوس أن الثقافة هي دوما الجسر الذي يربط بين الأفراد كما يرى أن أنماط الحياة تقدم لمجتمع ما بعد الحداثة وسائط غامضة على نحو ملائم بين الأفراد و المجتمع.و هناك إشكالية التعددية الثقافية في عقيدة الاختلاف بالنسبة لكليفود فإن الثقافة تمثل القدرة المستمرة للجماعة على إنتاج الاختلاف. و هناك الكثير من الاعتراضات حيث يؤكد ستراوس  على أن الناس يفتخرون بتفردهم كما حث لفي ستراوس الانتروبولوجين على أن اختلافات  الأشخاص لا تقاس بنفس المقياس, فحتى الهمجي هو إنسان يؤمن بهمجيته مع أن الاختلاف يقوم على أساس واحد

وفي الأخير هنا بعض التعريفات لثقافة ,وإذا عرفنا الثقافة حسب مصلحاتها  سوف تعرقل عملية التحليل فمن وجهة نظر بارسونز يمكن التعامل مع الثقافة كما لو كانت نظاما واحدا, و الثقافة بالنسبة لسيكولوجي فهي العقل. و ربما لا يكون لهوية أي مغزى إدا وضعت في سياق نظام خارجي.

خاتمة

من خلال كل ما تم قوله طيلة الفصول السبعة السالفة الذكر، يخلص آدم كوبر إلى أن  "هناك اعتراض أخلاقي على نظرية الثقافة، إذ أنها تنزع إلى جذب الانتباه بعدا عن الأمور التي تشترك فيها بدلا من تشجيعها" على الاتصال عبر الحدود الوطنية، العرقية والدينية والإقدام على تجاوزها وعلى مدى الكتاب يجادل كوبر بأسلوب عميق وممتع للغاية ... وهذا ما عكسته الترجمة نسبيا" ضد استعمال لفظة الثقافة ناصحا المهتمين بالتعبير عن أفكارهم مباشرة دون الاستعانة ببعض الوسائط التي قد تعيق اهتمامهم.



تلخيص كتاب الثقافة التفسير الأنتربولوجي الجزء الأول:

https://habtisoufiane.blogspot.com/2020/08/blog-post.html

 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
سعيد