أخر الاخبار

حكايات مغربية ممتعة.

 




يحكى أن رجلا كان يقطن في قرية صغيرة، نائية وبعيدة ويفصلها  البحر عن باقي القرى المجاورة وتخلوا من أي منشأة دينية أو تعليمية والقرية بذلك كانت شبه معزولة عن العالم، وكان هذا الرجل لا يعرف كيف يصلي أو يعبد ربه عبادة صحيحة مثله مثل باقي سكان القرية وكانت كل صلاته بالناي (الليرة بلغة سكان المنطقة) ولذلك كان كل همه أن يتعلم الصلاة، وفي يوم من الأيام مر رجل تائه بقريته، وكان كل رجل يدخل الى القرية يثير في سكانها الكثير من التساؤلات وذلك لعزلتهم عن العالم، وعندما رأى الزمار وكان اسمه جلال الرجل التائه وكان اسمه غريب، شرع يسأله أسئلة كثيرة تسكت فضوله حول هوية الرجل فعلم بأنه من مكان بعيد من المغرب أخذا في الحديث ثم فجأة سأله السؤال الذي يؤرقه وهو هل تعرف يا غريب كيف تصلي وتدعوا استغرب غريب من سؤال جلال حول كيفية الصلاة فقال له أجل نعم أعرف فالمكان الذي جئت منه به مسجد كبير والكثير من الفقهاء والعلماء، فرح جلال ثم جثا على ركبتيه وقال للتائه علمني أتوسل إليك كيف أصلي فأنا أبحث عمن يعلمني الصلاة مدة عشر سنين وما إن أجده حتى يطرأ طارئ فأنسى أو  يفلت من يدي أو يغيب عن ناظري فلا أراه أبدا، نظر غريب التائه نظرة في الأفق ثم قال له نعم أعلمك لكن بمقابل هذه الخدمة سترشدني إلى المكان الذي أقصده فأنا تائه عن مرادي لمدة أشهر في ربوعكم هذه، وافق جلال  ورضي كلا الطرفين بكلام بعضهما لبعض، علَّم غريب جلال كل ما يعرفه حول الصلاة وبالمقابل أرشد جلال غريب إلى وجهته المقصودة بالتدقيق فهو ابن المكان، إلا أنه وبعد أن قصد كل واحد منهما وجهته نسي جلال الكثير مما تعلمه فتذكر أستاذه غريب وأراد اللحاق به من أجل استدراك ما نسيه من معلومات قبل أن يغادر القرية وبينما غريب يعبر البحر الذي يحيط بالقرية وإذا بجلال يتبعه مناديا عليه وعابرا البحر دون أن يأبه لحاله والماء يغمره من كل جانب استمر جلال بالعبور وإذا بالبحر ينفلق له مشكلا طريقا وسط البحر  فزع غريب وصدم من عجيب ما رأى ثم قال لجلال  قولته المشهورة: «عد إلى زمارتك فأنا أربعون سنة وأنا أصلي بطريقة صحيحة ولم يفتح الله لي طريقا في البحر، عد إلى زمارتك هو أحسن لك أيها الزمار» وبالدارجة المغربية[1] (ارجع وللي ليرلوا أنا أربعين عام وآنا كنصلي وما فتحليشي ربي الطريق فوسط البحر، ارجع ليرلوا)، عاد جلال الزمار الى طريقته الأولى في العبادة وذهب غريب التائه الى وجهته وانتهت الحكاية.

تذكرنا هذه الحكاية بما حصل في قصة موسى وفرعون حيث هرب موسى وأتباعه من فرعون وجنوده متجها نحو البحر فانفلق البحر له إلى شطرين كل شطر كالطود العظيم مشكلا طريقا عبر منها النبي موسى وأتباعه وهي من بين المعجزات المذكورة في التوراة والقران الكريم.

الفلاح والمرأة الحامل: 

تحكي الجدات في المناطق الجبلية بالمغرب عن حكاية الفلاح والمرأة الحامل، وتبدأ الحكاية كما العادة بكان يا مكان في قديم الزمان أن رجلا يحرث أرضه بثورين ضخمين وإذا بامرأة تمر من أمامه وتتكلم مع نفسها قائلة: يا الله كم جميل رأس الثور هذا، فسمعها الرجل وسألها: هل تريدينه فقالت له: نعم أنا حامل واشتهيت رأس الثور هذا، وعندما علم الرجل بأمر حملها ذبح الثور وأعطاها الرأس الذي توحمت عليه، صدمت المرأة من صنيع الفلاح وفرحت بعدها فرحا عظيما ثم صلت ودعت مع الفلاح دعاءً من القلب، وبعد ذلك أصبح الفلاح بثور واحد فقط توقف عن عمله في الحرث مباشرة، وفي الصباح الباكر من اليوم التالي والفلاح متوجه نحو حقله كالعادة وجد ثورا أسودا أضخم مما كان لديه يرعى العشب في أرضه، فصدم أيضا من عجيب ما رأى ولم يتوقع أن تحصل معه معجزة من هذه الشاكلة، وتذكرنا هذه الحكاية بالقصة التي وردت في الكتب السماوية وهي المعجزة التي وقعت للنبي إبراهيم حيث عوضه الله تعالى عن ذبح ابنه إسماعيل بكبش عظيم جزاءً  لطاعتهوخضوعه له.  

الدروس التربوية للحكاية:

الله سبحانه وتعالى يجازي على الإحسان بالإحسان.

بالعطاء تتحقق المعجزات في الحياة.

من يرحم الناس يرحمه الله تعالى.

تضرب الجدات المثل بأسطورة المرأة الجميلة ذات الشعر الطويل والفاتن في القبائل الجبلية بشمال المغرب في النساء اللاتي لهن شعر طويل ورطب، فهي ليست قصة أو حكاية تروى، وإنما هي أسطورة ومضرب مثل في الجمال والشعر الطويل والنسب الشريف وتسمى بحسب الأوساط الجبلية (بنت مطيلbint matil  ) وتسارع كل قبيلة الى نسب هذه الأسطورة لها ولعل من أشهر هذه القبائل قبيلة (ولاد البقال) وذلك من أجل أن يتبثن جمال نسائهن، وتحكي الأسطورة بأنه في غابر الأزمان كان هناك آمرأة لها شعر طويل يبلغ طولها وكانت عند نومها تفترش نصفه وتغطي النصف الآخر وكذلك بأنها كانت جميلة جدا وذات نسب شريف، وإلى يومنا هذا تصف النساء الكبيرات في السن المرأة صاحبة الشعر الطويل بأنها تشبه شعر (بنت مطيل bint matil).

أما إذا أردنا الحديث عن قصة هذه الأسطورة في الحكايات العالمية فإننا نجد نماذج كثيرة تحكي عن فتاة جميلة لها شعر طويل ومسجونة في برج عال تنتظر من ينقدها، ولعل أهم هذه الحكايات حكاية الفتاة التي سرقتها الساحرة من والديها وهي صغيرة وربتها عندها في برج عال حتى كبرت وعثر عليها شاب جميل خلال جولاته في الصيد بالصدفة وأغرم بها ثم بعد ذلك أطلق سراحها وتزوجها، وتعرف هذه القصة بقصة ربانزل (Raiponce) الفتاة الجميلة والشجاعة ذات الشعر الذهبي الطويل، وقد مثلت شركة ديزني وورد هذه الحكاية في فيلم أنيمايشن (animation) بنفس العنوان (Raiponce).

وإذا كانت حكاية المرأة أو الفتاة الجميلة ذات الشعر الطويل مضرب مثل عندنا في القبائل الجبلية في المغرب وحكاية تروى في الغرب فإنها في الصين تكاد تكون حقيقة يعيشها سكان  قبيلة هوانغلو في الصين الى يومنا هذا عبر مجموعة من العادات والتقاليد حيث يطيل النساء شعرهن الى مستويات قياسية تثير التعجب والغرابة ويطلق عليهن الصحافيون والمتابعون أميرات رابونزيل الحقيقيات وهو وصف حقيقي ذلك أنهن جعلن من هذه الأسطورة أو الحكاية الشعبية شبه حقيقة وكلما كان الشعر طويلا ورطبا وجميلا كلما اتصفت المرأة بالجمال، ويبقى الإختلاف بينهن وبين شعر رابونزيل هو أن شعرهن أسود وشعر ربانزل أشقر.


 



[1]  هذه الدارجة هي دارجة سكان شمال المغرب.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
سعيد