أخر الاخبار

تعريف: الحكاية الشعبية، الأسطورة.

 

 



تقول نبيلة إبراهيم في تعريف الحكاية الشعبية: " وربما يسر لنا أمر تعريف الحكاية الشعبية رجوعنا إلى المعاجم الأجنبية لنعرف تحديدها لهذا النوع من الأدب الشعبي. والمعاجم الألمانية تعرفها بأنها الخبر الذي يتصل بحدث قديم ينتقل عن طريق الرواية الشفوية من جيل لآخر، أو هي خلق حر للخيال الشعبي ينسجه حول حوادث مهمة وشخوص ومواقع تاريخية. أما المعاجم الإنجليزية فتعرفها بأنها حكاية يصدقها الشعب بوصفها حقيقة، وهي تتطور مع العصور وتتداول شفاها، كما أنها قد تختص بالحوادث  التاريخية الصرف أو بالأبطال الذين يصنعون التاريخ.

وعلى هذا فإن التعريفين يشتركان في أن الحكاية الشعبية قصة ينسجها الخيال الشعبي حول حدث مهم، وأن هذه القصة يستمتع الشعب بروايتها والاستماع إليها إلى درجة أنه يستقبلها جيلا بعد جيل عن طريق الرواية الشفوية"[1].

وفي تعريف آخر يقول محمد فخر الدين: " الحكاية الشعبية إذن تقدم لحظات لنسيان الواقع القاسي الذي يعيشه الإنسان التقليدي عن طريق اللجوء إلى المتخيل الذي يغمر الفراغ الواقعي، إنها الحلم الجماعي الذي يهرب فيه الجميع من ذاته ويحقق من خلاله رغباته الدفينة.

إنها إعادة بناء للواقع بطريقة تجعله مأهولا بالكائنات الغريبة، فتخلق عالما يتكلم فيه الحيوان، وتتحرك الأشياء وتتحرر الغرائز، إنه عالم مفتوح على مصراعيه لكل أنشطة المتخيل: تختلط فيه السخرية والمرح بعنف الرغبات الطفولية وتنطلق فيه حكمة السنين منظمة أحوال البشر من جديد.

إن الحكايات الشعبية هي أساسا لسان حال الطبقات الشعبية التي تعيش داخل مجتمعات تقليدية مغلقة لم تصلها بعد التحولات الحديثة التي استبدلت وسائل الاتصال والتثقيف التقليدية بوسائط جديدة مثل الإذاعة والتلفزة والمسرح والسينما والقصص المصورة والمكتوبة وأدت إلى التفكك التدريجي لحلقات رواية الحكاية الشعبية، خاصة تلك الحلقات التي كانت تعقد بالمنازل الحضرية والقروية، ولم تبق مثل هذه التجمعات إلا في المناطق الريفية والجبلية المعزولة.

فالحكايات الشعبية هي إذن عبارة عن سرود تنتجها الطبقات الشعبية، تستهلكها وتجتر قيمها باستمرار وتتوارثها وتحافظ عليها حتى تضمن لها البقاء وتساعدها على تجاوز قساوة الظروف التي تعيش فيها"[2].

يمكن القول من خلال ما سبق بأن الحكاية الشعبية ضرب من ضروب الأدب الشعبي يعتمد بشكل أساسي على السرد وفن القص والخيال الشعبي ومن خصائصها أنها مجهولة المؤلف وبالتالي فهي ملك للشعوب، كما أن المرأة تلعب دور كبير وأساسي في نقل الحكايات للأجيال القادمة وذلك للدور التربوي والمحوري الذي تضطلع به المرأة في الأسرة المجتمع، ومن أشهر الحكايات المشهورة في التراث الثقافي الإسلامي والعربي حكايات ألف ليلة وليلة.


"إنني أعرف جيدا ما هي الأسطورة، بشرط ألا يسألني أحد عنها، ولكن إذا ما سئلت وأردت الجواب، فسوف يعتريني التلكؤ "

القديس أوغسطين

 

شاهد أيضا

 

من المعلوم أن الأسطورة لون من ألوان الأدب الشعبي إلى جانب الأمثال والألغاز والحكايات الشعبية إلى غير ذلك والتي تعبر بشكل كبير عن طموحات الشعوب وأحلامهم ومواجعهم وأفراحهم ومسراتهم في قوالب أدبية فنية ممتعة وجميلة، يقول كارم محمود عزيز في تعريف الأسطورة:" يذكر (ميرسيا ألياد) أن من الصعب إيجاد تعريف للأسطورة، يقبله جميع العلماء والباحثين، ويكون في الوقت ذاته في متناول المتخصصين، فالأسطورة واقعة ثقافية شديدة التعقيد. يمكن مباشرتها وتفسيرها من منظورات متعددة، يكمل بعضها بعضا.

وقبل التعرض للتعريفات المختلفة للأسطورة، يجدر التمييز بين مصطلحي الميثولوجيا Mythology والأسطورة Myth. وبالنسبة لمصطلح الميثولوجيا، فإنه يشير إلى شيئين: أولهما دراسة الأسطورة ذاتها، وثانيهما مجموع الأساطير التي تميز حضارة ما كالميثولوجيا المصرية أو اليونانية أو البابلية وما الى ذلك. علاوة على ذلك يذكر (إرنست كاسيرر) بأن مصطلح الميثولوجيا يقصد به علم أشكال التصور الديني.

أما مصطلح Myth فالمقصود به الأسطورة ذاتها. والتي سيتم التعرض لتعريفاتها المتعددة فيما بعد.

وجدير بالذكر أن د. عبد الحميد يونس، يذكر أنه قد أصبح من المتفق عليه في الدوائر العلمية العربية استخدام (أسطورة) كمقابل للمصطلح الغربي Myth.

يوجد الكثير من التعريفات ( التعريف بالنظر الى أصل الأسطورة، التعريف بالنظر الى موضوع الأسطورة، التعريف بالنظر الى مضمون الأسطورة...) وسنكتفي بالتعريف بالنظر الى مضمون الأسطورة.

أما عن تعريف الأسطورة بالنظر إلى مضمونها، فقد اختلف تناول ذلك المضمون من تعريف الى آخر، فهناك مسلمة استندت عليها جميع التفسيرات التي جاء بها (إدوارد تايلور، وجيمس فريزر وماكس مولر وهربرت سبنسر) وهي المسلمة القائلة بأن الأسطورة هي أولا وأساسا جمع من الأفكار والمتمثلات والمعتقدات والأحكام النظرية، كما أن هناك من يعرف الأسطورة بأنها ليست سوى (علم بدائي) أو تاريخ بدائي، أو تجسيد لأخيلة لا واعية، أو أي تفسير بهذا المنحى.

ومن هذا المنظور، يعرف (ميرسيا إلياد) الأسطورة بأنها "سرد لحكاية خلق تحكي لنا كيف كان إنتاج شيء ما، وكيف بدأ وجوده، وكيف ظهرت حقيقة ما إلى الوجود".

والأسطورة وفقا لأحد الآراء هي" القصة التي تختص بالآلهة وأفعالهم ومغامراتهم حين لم يكن الإنسان يبحث عن الآلهة ذاتها، ولكن بوصفها القوى الغيبية التي تسيطر على الظواهر الكونية وتنظمها"، كما تبدو في تعريف آخر على أنها " روايات معينة تتعلق بالآلهة أو الكائنات الخارقة".

أما بالنسبة لأفلاطون وهو أول من عُرف على أنه استخدم مصطلح (ميثولوجيا Mythology)، فإنه لم يعن أكثر من أنها "حكاية القصص التي تحتوي عادة على الشخصيات الخرافية".

هذا في حين أن البعض الآخر قد ركز في تعريفه للأسطورة من نفس الزاوية على ما تتضمنه الأسطورة من أحداث فيرى أحد الآراء أن الأسطورة لا تخرج عن أن تكون "قصة خيالية قوامها الخوارق والأعاجيب التي لم تقع في التاريخ ولا يقبلها العقل". وفي رأي لآخر تعتبر الأسطورة "قصة تراثية تم قبولها باعتبارها قصة تاريخية تشتمل على معتقدات الناس فيما يتعلق بالخلق والآلهة والكون والحياة والموت".

ويعرف (ميرسيا إلياد) الأسطورة بقوله: " تروي الأسطورة قصة مقدسة وحدثا وقع في الزمان الأول، وهو زمن البدايات" ويفسر (فيكتور تيرنر) ذلك بقوله إن الأسطورة " تحكي عن كيفية تحول أمر من الأمور إلى حالة أخرى، وكيف تحول العالم غير المأهول إلى عالم مأهول وكيف أصبح الهيولي كونا، وكيف تحول الخالدون إلى فانين، وكيف تحولت الوحدة الأصلية للجنس البشري إلى تعددية من القبائل والأمم " "[1]





[1]  نبيلة إبراهيم، أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار نهضة مصر، القاهرة، ص: 91/92.

[2]  محمد فخر الدين، الحكاية الشعبية المغربية، المغرب، دار نشر المعرفة، ط: 2013، ص: 21/22.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
سعيد